يقع مسجد الحسن الثاني على شاطئ من شواطئ المحيط الأطلسي المشمسة، ويعتبر من أروع المباني الدينية في العالم وتحفة فنية تجسد العمارة العربية الإسلامية، وذلك من حيث الشكل والزخرفة والحجم و الموقع.
ويرجع تاريخ فكرة إنشاء المسجد إلى الزيارة الرسمية التي قام بها الملك الراحل الحسن الثاني لمدينة الدار البيضاء بعد وفاة والده المفدى، الملك الراحل محمد الخامس؛ حيث تعهد بإقامة مسجد كبير على الماء في إشارة إلى الآية القرآنية "وكان عرشه على الماء".
ويدخل بناء هذا المسجد بمدينة الدار البيضاء في نطاق رؤية أوسع بكثير تجعل منه جزءا من برنامج تنمية وإعادة هيكلة الدار البيضاء الكبرى، ترجمة للإرادة الملكية في تشريف العاصمة الاقتصادية للمملكة بأكبر نصب تذكاري روحي وحضاريًّ للمغرب، بما يضمن لها تنمية معمارية متناغمة وإشعاعا عالميا روحيا مرتكزا على الإيمان والتسامح، على غرار المدن المغربية الأخرى (القرويين بفاس، وصومعة حسان بالرباط، والكتبية بمراكش).
وقد تم تنزيل هذه الفكرة على أرض الواقع يوم وضع جلالة المغفور له الحسن الثاني، طيب الله ثراه، حجر الأساس للمسجد في 5 ذو القعدة 1406 هجرية، الموافق 11 يوليوز 1986. وتم تدشينه في 11 ربيع الأول 1414 هجرية، الموافق 30 غشت 1993، والذي تزامن مع إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف الذي يحتفل به المسلمون من جميع أنحاء العالم في بيوت الله.
إن تصميم هذا الصرح الديني جاء نتيجة للتعاون بين مكتب المهندس المعماري الفرنسي ميشيل بانسو Michel Pinceau، ومختلف الهيئات التي تعنى بالصناعة التقليدية المغربية، شركة بويك الفرنسية Bouygues، تحت إشراف وتوجيهات جلالة الملك الراحل الحسن الثاني.
ويتميز هذا المسجد بالجمع بين خصائص العمارة العربية الإسلامية والتقدم التقني الحديث الذي أملته ضخامة الصرح ومتطلبات الحياة المعاصرة، حيث أن هندسته المعمارية مستوحاة من النقاء والغنى الثقافي لفن البناء الذي عرف به المغرب على مر القرون.
وسيخلد التاريخ الاختيار الحكيم للملك الراحل الحسن الثاني المنبثق عن رؤية مستقبلية ومنسجمة مع تاريخ بلدنا: المغرب الجديد، مغرب النضال من أجل الاستقلال، والمسيرة الخضراء، والدفاع عن الوحدة الترابية، ومغرب الكفاح العظيم من أجل التقدم والذي يقوده إلى الآن وريث عرشه صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله.